بقلم_تميم البرغوثى
احتمال قيام حرب فى المنطقة كبير، واحتمال خسران الولايات المتحدة وإسرائيل فيها كبير إن شاء الله، هذا تقديرى، وهاكم ما بنيته عليه:
إن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو ومؤسساته الأمنية والعسكرية
يدركون أن إيران، وإن كانت لا تسعى لتملُّك قنبلة نووية مركبة على صاروخ
وجاهزة للإطلاق بضغطة على زر، فإنها تسعى لتملك القدرة على تركيب قنبلة
كهذه فى أيام أو ساعات قليلة، وهم يدركون أن قدراتها هذه تتزايد مع الوقت
وأن العقوبات الدولية عليها لن تجدى نفعا. ونتنياهو يعتبر أن امتلاك إيران
لهذه القدرات يشكل تهديدا وجوديا لدولة إسرائيل. إن رئيس الوزراء يعلم أن
القنابل النووية لا تصنع لتستخدم، بل تصنع للردع، فوجود قدرة نووية لدى
دولة ما، يمنع الدول الأخرى من التفكير فى استخدام السلاح غير التقليدى،
النووى أو الكيماوى أو البيولوجى ضدها، بل، وربما يمنع الدول الأخرى من خوض
حرب مباشرة ضدها أصلا، لأن أحدا لا يستطيع أن يسيطر على تطورات الحرب، وما
يمكن أن تؤول إليه من صراع بالسلاح غير التقليدى يجر الدمار الحتمى على
طرفيها. بمعنى آخر، إن امتلاك إيران لمكونات السلاح النووى، حتى دون تركيب
هذه المكونات، يمنع إسرائيل من استخدام أى سلاح غير تقليدى ضد إيران فى
المستقبل، بل ويمنعها حتى من التهديد باستخدامه. وحصر الصراع بين إسرائيل
وأية دولة أخرى فى السلاح التقليدى، أى فى الدبابات والطائرات والسفن، يسمح
لخصوم إسرائيل أن يستفيدوا من مميزاتهم الاستراتيجية، كثرة العدد، وامتداد
الأرض، ووفرة الموارد، وصلابة الإرادة الشعبية فى المقاومة. ونتنياهو يعلم
أن دولته تعانى من الضعف فى كل هذه العناصر، فهى لا تقدر على الحروب
الطويلة لقلة عدد سكانها، فجيش إسرائيل الدائم يتكون من مائتى ألف جندى،
وعند استدعاء قوات الاحتياط يزيد عدده إلى ستمائة ألف جندى، أى عشرة فى
المائة من سكان إسرائيل اليهود، وهو ما يعادل ثمانية ملايين نسمة لو أن مصر
مثلا حشدت نفس النسبة، وغنى عن الذكر أن هذه العشرة بالمائة كفيلة بشل
الحياة الاقتصادية فى البلاد إذا طال انشغالها بالقتال. وإسرائيل لا تملك
عمقا جغرافيا يسمح لها بالمناورة فى الحرب، وقد كان ديفيد بنغوريون يقول،
إن العرب يمكن أن يهزموا فى ألف معركة ثم يكسبوا الحرب فى النهاية، أما
إسرائيل فإن هزيمتها الأولى ستكون الأخيرة. وأخيرا فإن الجبهة الداخلية
الإسرائيلية لا تخلو من هشاشة، فثراء المجتمع الإسرائيلى يجعل الهرب ممكنا،
لأن الخوف يكلف مالا، يكلف تذكرة سفر، وإقامة فى فندق، أو سيارة تنقل
الهاربين من مدينة إلى أخرى. ولذلك ترى أن إسرائيل تقصف غزة أو جنين فيزداد
أهلهما إصرارا على القتال لأنهم لا مناص لهم منه، أما اذا سقط صاروخ على
أرض خالية على أطراف حيفا أو عسقلان فإن ثلثى سكان المدينة من الإسرائيليين
يغادرونها أو يبيتون فى الملاجئ.
باختصار، فإن نتنياهو يعلم أن امتلاك إيران للقدرة النووية يجرد إسرائيل
من ميزاتها العسكرية، ولهذا يشكل تهديدا حقيقيا لوجود إسرائيل.
|